الربط بين السياسة والاسلام ربط مثيولوجي يعتمده دعاة الفكر الانعزالي في تعميم مقولة الدين والسياسة أو الدين والحياة ، ولا يخفى ان بين السياسة والاسلام فارق كبير بين طبيعة السياسة وماهية الاسلام ، فحين نعتمد على التفسير المعجمي للسياسة يكون المعنى لدينا هو ان السياسة هي فن الممكن وهي هنا أشبه ما تكون بالتجارة
وهذه الاقتضائية في المفهوم المعجمي تحتمل البحث عبر مختلف الطرق لتحقيق المنفعة وان تطلب ذلك ممارسات غير قانونية وغير اخلاقية ، وفلسفة السياسة هي غير فلسفة الاسلام إذا ما نظرنا إليه كوحي إلهي ، إذ السياسة تعتمد فيما تعتمد عليه المراوغة والخديعة والحيل الممنوعة والاسلام بما هو هو يرفض ذلك في الجملة وفي التفصيل ، وفن الممكن على حد تعبير جان لوك هو تحقيق للمنفعة وان تطلب ذلك تجاوز القانون والنظام ، ولهذا عد روبير السياسة هي نمط من العلاقات لا يميز بين الحلال والحرام ولا بين الواجب والمكروه فهذا شأن ليس من اختصاصها ولا هو من غاياتها ، ولهذا يدأب السياسي على التقلب الدوري وأحياناً اللحظي بناءً على مقتضيات المصلحة الآنية التي يرآها هو ومن وجهة نظره ، والتقلب المشار إليه نجده في العلاقة مع الكثير من المواثيق والعهود التي تنتقض لأتفه الأسباب .
ولكن حين نمتثل لفكرة الفقية القائل بان السياسة هي عين الاسلام فانه يتبادر إلى ذهننا بان الاسلام هو إيضاً فن الممكن فلا مثل عنده ولا قيم اخلاقية وكل علاقته مع الغير هي مجموعة مصالح ليس إلاَّ !! ، مع ان الاسلام بالضرورة هو دين إلهي والدين الإلهي يجب ان يكون خالياً من التوظيف المصلحي والانتهازي أي إنه يلتزم في حركته وعلاقته من خلال منظومة قيمه الاخلاقية والشرعية فلا تعدي ولا ظلم ولا كذب ولا سرقه ولا اغتصاب ولا تعاون مع إجهزة الظالم الأمنية والحقوقية وهذه اللاآءات هي التي تحصن الانسان من الخطاء في الممارسة والسلوك .
ولأن الاسلام كذلك عندنا فهو يرفض الركون للظلم ويرفض التعامل مع الظالمين ويمنع خيانة الناس أو التجسس عليهم ، والاسلام هنا لا يفرق بين الظلم المحلي أو الظلم الدولي ، كما يرفض الاسلام التعاون مع الاجهزة المخابراتية للدول ذات التوجه الدكتاتوري أي إنه يرفض جعل المسلم عامل أو مرشد لهذه الأجهزة كما فعل البعض من الاحزاب والحركات الدينية ، التي تعاونت وعملت ومارسة كل أنواع الشذوذ والجريمة ضد المخالفين أو الغير مؤيدين لتوجهاتها عبر كتابة التقارير والوشاية بهم عند تلك الاجهزة ، ولهذا لانستغرب من حجم الجرائم وبشاعتها و التي تقوم بها تلك المنظمات في العراق الآن بحجة الدفاع عن الهوية الطائفية ، ولقد أثبت من يمتهن الفكر السياسي الاسلامي بانه حاضر لأداء كل عمل قبيح وسيئ مهما كانت نتائجه وأن أدى إلى تقطيع الروابط والعلاقات والنواميس وقد ثبت إيضاً ان الكثير من ممارسي العمل السياسي الديني هم من أسوء الناس خلقاً وتاريخهم الماضي وسوء سلوكهم وتنشئتهم المريضة وتعرضهم في الطفولة إلى كل ما هو سيء أثر عليهم في علاقتهم بالغير ، وهم لذلك مستعدين الآن وتحت مظلة الاسلام للقتل والتدمير والاغتصاب والسرقة وأفشاء الجريمة ، وهم لذلك يكونوا المصداق الأقرب لمعنى قوله تعالى : [واذا تول اهلك الحرث والنسل ] ، ومن يتابع أحادهم تاريخياً سيطلع عن كثب لما ذكرناه من دون معانات وجهد في البحث ، لهذا أعتبرنا الاسلام السياسي في ثوبه المعاصر أسوء من النازية والستالينية ، وإن الواجب يلزم الجميع النظر بعين الرعاية للمستقبل وما يترتب عليه فيما لو تمكن الاسلام السياسي من بسط نفوذه لأجل من الوقت